حب بنكهة الموت:
فازت رواية "حب بنكهة الموت" لأمة الخالق محمد الظفيري، لقدرتها اللافتة على حشد تفاصيل يومية أنتجت رواية مفرطة الواقعية، مؤثرة، وشديدة الإقناع. اقترنت السيرة السياسية للجمهورية بموضوع الرواية الأساسي؛ الاجتماعي والإنساني. ومضات السيرة السياسية في خلفية الأحداث المجتمعية شكلت مرآةً للفشل الاجتماعي الذي تناسل في ثلاثة أجيال: من الجدة إلى زوجة الابن إلى ابنة الابن. اتسمت الرواية بالانتقال السلس من زمن إلى آخر باستعمال ضمير المتكلم.
تسلط الرواية الضوء على قضية إنسانية اجتماعية وأسرية هي العنف الأسري والتمييز ضد المرأة. يُظهر نص الظفيري كيف تؤثر المعاناة على حياة النساء النفسية والاجتماعية وآثارها المأساوية في تشكيل شخصية الفرد. ويستأنس النص بعدد من التقنيات السردية، في صدارتها تقنيتا: الاسترجاع، والحوار. هذه الرواية هي رواية المرأة المضطهدة زوجة وأُمًا وابنة. رواية تحكي قصة أجيال من نساء مقهورات في حبكة يتنوع فيها الصراع بين الشخصي والاجتماعي والسياسي وتتوفر حبكتها على قدر من التشويق وبساطة اللغة.
غربان العنبرود:
رواية "غربان العنبرود" لهشام المهدي، نموذج لسرد حديث يمزج الواقعية بالغرائبية، سرد يندرج تحت مسمى "الواقعية السحرية" ويصور حياة طفل ذو قدرات خاصة أو خارقة. طفل يجد صعوبة في الاندماج في الواقع الاجتماعي، فيكون عرضة للسخرية. ويُلقي النص الضوء على الكيفية التي يتعاطى من خلالها الآباء مع هذا النوع من الأبناء.
اللغة هي نجمة هذه الرواية التي يعتمد السرد فيها على تقنية (الفلاش باك)، في استرجاع الأحداث وسياقات الحكاية. والرواية في كل هذا وفية للسرد، وتنشغل بتتبع فرادة حارة العنبرود واضعة الشخصية والسرد قبل الحبكة والقضية.
الهروب الأخير:
موضوع رواية "الهروب الأخير" لأحمد المفلحي، (خليفة المفلحي) هو ما يعرف تاريخيًا بحرب المناطق الوسطى، لكن الرواية قدمت مثالاً يتسع ليشمل كل كيان مسلح مضى يقاتل تحت لافتة فكرية معينة ثم مُني بالخسارة. تخبرنا الرواية كيف أن الإيديولوجيا ليست وحدها التي تستغل عاطفة الناس لتجندهم تحت رؤيتها، فالناس أيضا قد ينتمون إلى الإيديولوجيا بهدف استغلالها لتحقيق مآربهم الخاصة. تخبرنا أيضا كيف أن الواقعي يهزم المثال في النهاية، وكيف أن المقاتلين يصيرون إلى الفناء المرير حين تنتهي معركتهم إلى الخسران.
تصور الرواية الواقع المأساوي والغايات التحررية والثورية وما يشوب النزعات الثورية من سلبياتٍ تفضي إلى مزيد من ترسيخ الواقع البائس. ويتميز نص المفلحي بتكثيفه السردي لسياقٍ الصراع ومتابعة تفاصيل أحداثه وصولًا إلى النهاية المأساوية التي يُتَوِّجُها نُبْلُ الصداقة والحيرة بين الأمل واليأس.
امرأة من شقوق:
الفتاة في رواية "امرأة من شقوق" لمحمد عادل، هي وجه آخر للفتى في رواية "غربان العنبرود". ثمة وجه آخر للشبه يتمثل في اللغة الناضجة وفي البعد السحري للواقع. تصور رواية محمد عادل قضية الاعتداء على الأطفال، جسدياً ونفسيا، وأثر ذلك في تشكيل شخصية الطفل، واتجاهاته المستقبلية، وما يترتب على هذه الجريمة اليومية من تداعيات مريعة على حياة الضحية التي تعيش ممزقة وهي تكابد شعورها بالألم وخوفها من الإدانة في مجتمع ٍ يتواطأ على حقها في الإنصاف. ومن منطلق الألم أتت نبرة السرد لتهتك المسكوت عنه وتعرِّي وتفضح وتدين. تخللت المكاشفة الصادمة سياقات فانتازية وغرائبية سُردت بضمير الشخصية الرئيسة.
رماديتي:
معاناة الفتاة في المجتمع القبلي معروفة، وهي مطروقة في الأدب اليمني، لكن المميز في رواية "رماديتي" لغرام الجرموزي، هو الزاوية التي انطلقت منها: أن بالوسع مقاومة الألم بالكتابة، وكيف أن الكتابة طريقة ناجعة لاستثمار الألم، وكيف أن الفتاة حين تسلك درباً تحافظ فيه على إنسانيتها- في ظل المعاناة التي تعانيها من أسرتها- ستمنحها فرصة لتعديل فكر الأسرة في هذه الجزئية بنهاية متفائلة ورومانسية. وفي موازاة هذا السياق تتحدث الرواية عن تاريخ وعوامل وأطوار اختمار ونمو الرواية نفسها.
أجساد ألمى:
رواية "أجساد ألمى" لشروق القطابري، هي رواية غرائبية تقيم صراعاً بين عالمين: أحدهما عالم الروح والآخر عالم الجسد، ومن خلال الشخصية الرئيسية ألمى- الذات التائهة التي تلبس أجساد آخرين وتعيش معاناتهم وصراعتهم وظروفهم وعلاقاتهم ومواقفهم وتتدخل في تغيير مصائرهم- تناقش الرواية مستويات من معنى الحياة بين الذات والآخر والواقع والمتخيل.
تصور الرواية صعوبة أو استحالة تصالح الذات مع واقعها، ورغبتها الجامحة فيما لا تملكه. وتسريد ذلك من خلال المفارقة بين واقعيين: الأول، واقع مادي، ثري التفاصيل، مع جسدٍ مهترئ معاق وروح سليمة قوية. والثاني، واقع مغاير، محدود في تفاصيله المادية، ومأهول بجسد قويٍّ سليم، وروح مهترئة.
تتخلّى الذات التي تمتلك روحًا سليمة عن سلامة الروح؛ بحثًا عن سلامة الجسد. وفي المقابل، تتخلّى الذات التي تمتلك الجسد السليم عن جسدها، بحثًا عن سعادة الروح، فتحدث الكارثة.
الفانتازيا السردية في هذا النص مثّلت إطارًا فنيًّا. ويتميز النص بمهارة في الإمساك بتحولات السياقات السردية وصياغتها بانسيابٍ متماهٍ مع كل تحوّلٍ في بُنية الموضوع ونسيجه المتناقض. كما يتسم بخطاب روائي هادف إلى ترسيخ تصالح الذات مع واقعها، واستشعارها إيجابياته، أيّا كانت نواقصه.
أنين التابوت:
تلتقط رواية "أنين التابوت" لمحمد التبالي، أبشع صورةٍ من صور الحرب وكارثيتها في تمزيق النسيج الاجتماعي بوحشية وقسوة مفرطة. الفرد في هذه الحكاية ليس سوى مثال لمعاناة اجتماعية متعددة قد تختلف في المصائر وتتشابه في المكابدة. رواية، عن أدب الحرب والسجون، تبدأ بالنهاية لتقول إن هناك تشويق آخر لا يكمن في المصير الختامي بل في الطريق إليه. طريق وتشويق مصحوب بأنين ميت يريد أن يحكي ما جرى ليجد راحته لا فيما يمكن أن يحدث بل فيما ينبغي أن يكون.