تحدثوا عن علاقتهم بالكتابة وشعورهم بالفوز بجائزة السرد اليمني تحدثوا عن علاقتهم بالكتابة وشعورهم بالفوز بجائزة السرد اليمني

أدباء يمنيون: نشعر بمعنى الفوز وبمسؤولية تجاه ما نكتب.

تقرير محيي الدين جرمة

مياسة النخلاني: ما كتبته ليس بالصورة التي تخيلتها لروايتي.

قالت القاصة والروائية مياسة النخلاني الحاصلة على المركز الأول في جائزة السرد اليمني(حَزَاوِي): الفوز يعني لي أمرًا واحدًا وهو أني نجحت في التحدي الذي وضعته لنفسي وأني قادرة على الوصول للغاية التي وضعتها لنفسي ولو بعد حين."

وعن لحظة تلقيها نبأ فوز روايتها، وما عززه ذلك لديها على صعيد الكتابة والتجربة تقول: "بكل تأكيد، كانت لحظة مميزة، فالفوز يحمل معنى أكبر وأعمق من مجرد الفوز بالجائزة المالية أو التكريم؛ فالكاتب أو الأديب حين يشارك بمسابقة، فهو يسعى في المقام الأول إلى نيل الاعتراف من المختصين بالمعايير السردية التي قد يكون وصل إليها. الفوز يعني أنه اجتهد وتمكن من أدوت السرد والكتابة، وأن عمله الجاد قد أثمر وأنه يسير على الطريق الصحيح في تطوير أدواته السردية.

واعتبرت النخلاني أن "الفوز عزز لديها شعورا بأن جهدها طوال السنوات السابقة لم يذهب سدى، وأنها يمكنها تحقيق حلمها بأن تكون روائية تمتلك أدوات القص والسرد التي تؤثر وتجذب القارئ ليكمل النص الذي بين يديه بنفس الشغف الذي بدأه به."

وحول سؤالنا عما إذا كانت هناك صعوبات واجهتها قبل الانتهاء من الرواية أو أثناء كتابتها؟ وهل أعادها ذلك بالفعل إلى طريقها وحلمها في الوصول، بعدما كادت تتوقف عن الكتابة؟

قالت الكاتبة مياسة: "لم أتخل يومًا عن الطريق لكن من وقت لآخر كانت تراودني أفكار للتوقف، وهذه الأفكار ناتجة عن إحساس في أعماقي بأني لم أصل للمستوى السردي الروائي الذي طمحت إليه."

وتشير النخلاني إلى أن "استحقاق الرواية بالفوز رغم المنافسة القوية، قد عزز لديها شعورا بأنها تمضي على الطريق الصحيح وأنها قد سارت خطوات طويلة وسيكون من الظلم ترك طريقها الآن بعد أن وصلت لهذه المرحلة." 

وأوضحت النخلاني في حديثها لموقع الجائزة: إلى أن ما واجهها في الكتابة "ليست صعوبات بالمعنى الحرفي للكلمة بقدر ماهي شعور بعدم الرضا لما تم إنجازه. تقول: كتبت الرواية على مراحل عدة وفي كل مرحلة كنت أشعر بأن ما كتبته ليس مماثلًا للصورة التي تخيلتها لروايتي؛ فأحيانا يجد الكاتب صعوبة في نقل ما في مخيلته وإحساسه للورق وترجمته لكلمات بالهيئة نفسها التي كانت في مخيلته، كمن يتخيل قصرا لكنه يبني بيتا أو كوخا صغيرا."

وعن علاقة النقد بالرواية، حيث وصفت من قبل البعض بأنها "رواية تستحق النشر"، استطردت قائلة: "أحيانا يظلم الكاتب نفسه إن حاول أن يقرأ أعماله بعين الناقد الحريص؛ لأنه حينها يكون شديد القسوة على نفسه، لكن وفي الآن ذاته هذا يعتبر ميزة أكثر منه عيبًا."

أما عن الكتابة القصصية لديها فتقول: "لا أجد مشكلة فيما يخص القصة القصيرة، وغالبًا ما أشعر بالرضى حين أنهي قصصي؛ لأنها باختصار تطابق ما تخيلته وأردته. بينما الأمر يختلف حين يتعلق الأمر بالرواية، مشيرة إلى أنها حين تُنهي كتابة الرواية تشعر أنها ليست كما ينبغي، فثمة عيب هنا أو هناك."

تتابع مياسة: "يوجد نقص بهذا الجانب أو ذاك، لذا أتركها وأعيد قراءتها بعد وقت، حين أعود إليها أجد نفسي أضيف لها أحداثًا، وأحيانًا شخصيات جديدة لأخلق نهاية جديدة لروايتي، لكن مع كل تلك المحاولات يظل شعوري كما هو، ليس هذا ما أردته أو تخيلته.. وهكذا في كل قراءة كنت أعيد العمل على الرواية حتى أصبحت مختلفة تمامًا عن نسختها الأولى التي كتبت قبل سنوات."

تقول النخلاني: لم أُبقِ الرواية حبيسة الأدراج، بقدر ما كانت حبيسة عقلي طوال هذه السنوات؛ فثمة تخيل للرواية التي أريد كتابتها، وإلى الآن أشعر أني لم أصل لذلك المستوى بعد، حتى في صورته الأخيرة. ربما كما يقال تستحق النشر.. لذلك تتمنى الكاتبة أن تكتب "رواية أفضل مما كتبت".

وفي سياق تقييمها لمبادرة ممول الجائزة، بنك اليمن والكويت، ومؤسستها الدكتورة نادية الكوكباني، والقائمون عليها كافة، وأفق إسهام هذا القطاع الفاعل في الإنماء الثقافي كرؤية وطنية حافزة لاستدامة فعل الإبداع والأدب وفنون السرد إجمالا، أشارت الكاتبة إلى أن جائزة الرواية اليمنية "حزاوي" مبادرة رائعة زرعت الأمل لكثير من الكتاب والأدباء خاصة الشباب بأن ثمة جهة مستعدة لاحتضان أعمالهم وإبداعاتهم، وأنهم قادرون على صنع الإنجاز الذي يطمحون إليه، كما أن الجائزة زرعت روح المنافسة لدى الكتاب؛ فالمنافسة- كما تقول "حين تتواجد تسهم في خلق أعمال رائعة".

جدير بالذكر أن الكاتبة مياسة النخلاني قد حصلت على المركز الأول في جائزة السرد اليمني- حزاوي عن فئة الروايات المخطوطة، عن رواية "سميتها فاطمة" في دورة الجائزة الأولى للعام 2022.

 

غسان خالد: أسعدني الفوز قدر شعوري بالأسى للظرف الفلسطيني الموجع.

من جانبه قال الكاتب الروائي غسان خالد الفائز، بالمركز الأول لجائزة السرد اليمني (حزاوي) في دورتها الثانية المنصرمة 2023م، عن روايته "سماء تمطر خوفًا": "أشعر بسعادة كبيرة في الفوز بجائزة السرد اليمني "حزاوي" وفي الوقت نفسه أشعر بمسؤولية. كما أشعر بالأسى والعجز، للظرف العربي والفلسطيني الموجع الذي لابد وأن ينعكس على النصوص الإبداعية، ويخلق من طين الكتابة خيارا لجمال الإنسان والموقف، ويدين في الذروة بأقوى ما يمكن لبلاغة العبارة أن تُفصح تجاه الآلة الصهيونية التي تطال الأرض والإنسان تنكيلا ودمارا في غزة وبقية المدن الفلسطينية الأخرى."

وتابع "أشكر راعي الجائزة ممثلا في بنك اليمن والكويت، المؤسسة الرائدة في العطاء الثقافي الداعم، والتي يحسب لها التميز في العمل المصرفي، ومن خلاله دعم خدمات الإنماء الاجتماعية والثقافية على وجه التحديد."

وأكد غسان "أن مبادرة تأسيس الجائزة أصبحت تعكس اليوم، ومع كل دورة جديدة لها، أنموذجا حيًا وعلامة مميزة في رفد الإبداع اليمني في مجال الرواية، ما يعكس أيضًا، دلالات عميقة تحكي حجم التفاعل النموذجي لدور القطاع الخاص في التنمية الثقافية والإنماء الفكري لإبداعات الأجيال في مسار كتابة الرواية اليمنية الجديدة والمعاصرة."

وأشار خالد في معرض حديثه لموقع الجائزة إلى أن الواقع والظروف اليوم محبطة للمبدعين، لكن حافزا إيجابيا تمثله الجائزة، إلى جانب ثقة المبدعين والكتاب السرديين، يعزز تجارب الإبداع لدى الكتاب.. كما تحفزنا إلى ذلك لجان التحكيم المنبثقة عن هيئة الجائزة."

في هذا السياق أضاف خالد: "لا أنسى أن أتوجه بالشكر الكبير للدكتورة نادية الكوكباني التي شقت طريق الجمال في سبيل تكريس جائزة خاصة لتشجيع ونشر الأدب اليمنى ليكون له صدى عربيًا."

وحول الأصداء والتفاعلات والأثر الذي تركته الجائزة قال: "لقد غدى لهذه الجائزة صدى إيجابي محلي وعربي. وأشار غسان خالد إلى أن "هناك تجارب يمنية جديرة بالتقدير لخوضها مغامرة الإبداع وخيار الكتابة في ظل الواقع المرير، غير أن ثمة ما يجعلنا نمضي بجسارة الإرادة والاستمرار ليبقي كل منا في داخله ما أمكنه على ذلك الإنسان والموقف معًا."

 

عبد الله الأحمدي: سعدت بفوز روايتي ولم أصل بعد إلى ما أريد.

من جانب آخر قال الكاتب عبد الله عبده محمد الأحمدي الحاصل على المركز الثاني عن روايته "الطريق إلى صنعاء" في دورة الجائزة الثانية لعام 2023: "في ظروف صعبة انعدم فيها الفرح، أو غُيِّب، يكون للفوز مذاق، وطعم لا يوصف. وقد تلقيت فوز روايتي "الطريق إلى صنعاء" بفرح، لاسيما وأنه فوز مادي ومعنوي، جاء في وضع انكشفت فيه أمور الشرفاء على آخرها."

واستطرد على نحو من التصوف: "ربما كان هذا الفوز هدية السماء التي لا تبخل على أوليائها."

أشار الكاتب عبد الله الأحمدي إلى أن الجامعة شكلت له نقلة نوعية في الوعي والكتابة. يقول: "تعرفت على كُتاب أكثر التزاما، وكنت أقضي معظم وقتي في القراءة، والاتصال بالأدباء اليمنيين. ومن الجامعة بدأت الكتابة الجادة في حقلي الأدب والنقد، لاسيما القصة القصيرة؛ التي اشتركت فيها بمسابقات عدة وكان الفوز حليفي.

عبد الله الذي أخذ التدريس من وقته الكثير، بقدر ما شغلته الكتابة عن المجال التربوي، كما يقول، تعرف على كثير من النماذج البشرية؛ طلاب ومعلمين وإداريين ومواطنين.. لكنه لم يصل بعد إلى ما يريد ويطمح إليه."

ويشير الأحمدي إلى أنه "مازال هناك مشاريع للكتابة، فالواقع يمور بما يلهم، لاسيما في السرد." مؤكدا أن طموحه ليس له حدود، "لكن المشهد يعكر الكثير من الآمال والطموحات؛ فالحرب أتت على الكثير، وسودت حياة الناس، وأوقفت الكثير من المشاريع، وعقدت المشهد. وصرنا لا نفكر إلا بلقمة العيش وإيجار السكن."

غير أنه عاد ليؤكد أن "الأديب رغم الظروف هو جزء من المشهد، لكنه يرى ببصيرة نافذة. والحياة لا تسير بخط مستقيم، بل تشهد تعرجات وانحناءات وانكسارات. ووسط هذا كله تشكلت تجربتي في التعبير عن الواقع العصي عن التحول والتغيير. ومازال واقعنا يراوح بين هذا كله." حسب قوله.