ناصر الحنش
روائي
ناصر الحنش

صدرت رواية ناصر الحنش الأولى "نعيش... معاً" في مطلع عام 2015م. وقام بطباعتها في إحدى مطابع صنعاء على نفقته الخاصة. تتكون الرواية من 215 صفحة، قطع صغير. وهي العمل الثاني للكاتب بعد مجموعته القصصية "منكم من... أنا".

كتب الروائي محمد الغربي عمران عن رواية "معًا لنعيش":

"نحن أمام رواية ناضجة ومكتملة الأركان فنيا وموضوعيًا. الحنش صاحب تجربة حياتية ثرية، وقد انعكس هذا الثراء على كتاباته التي تذكرني بثراء الروائي المغربي محمد شكري صاحب رائعة "الخبز الحافي". وتذكرني كذلك بالروائي السوري حنا مينا صاحب التجربة الحياتية الغنية التي وظفها في أدبه. إضافة إلى أن الحنش يمتلك القدرة على الكتابة الساخرة. وبهذا نستطيع تصنيف "نعيش..معاً" ضمن السرد الساخر. وهو فن لا يجيده إلا القلة من الكتاب. ولا أقصد ما يقدمه الحنش بالسخرية الباسمة فحسب بل أيضا والجادة التي تدفع بالقارئ إلى التأمل.

"نعيش...معاً" رواية مختلفة.. بأسماء شخصياتها: جادي.. كريمو.. مريم.. زيمي.. هيروت.. هودن.. مزن.. يشي.. زائدة. والأسماء تدل على تنوع جغرافي في شخصيات هذا العمل، وبالتالي تنوع الثقافات وأساليب الحياة. المكان هو الآخر مختلف. فالمكان الذي تدور فيه أحداث الرواية مدينة بيروت وضواحيها.. وحين نقول ضواحي المدينة نعني بتلك المدن والمنتجعات والقرى المتناثرة على الشواطئ أو على سفوح ومرتفعات الجبال خارج بيروت. وتلك الشخصيات هي الأخرى لا تنتمي إلى جنسية بعينها.. فالسارد أو الشخصية الرئيسة يمني، وبقية الشخصيات من الجزائر وأثيوبيا وجزر القُمر والمغرب وفرنسا، وكذلك من لبنان وجنسيات أخرى تجمعهم مدينة منفتحة ثقافيا هي "بيروت"، وشخصيات مختلفة الأديان والأعراق.. يعمل معظمهم في فرع شركة تتبع الشركة الأم في شرق آسيا، اليابان. هذا المزيج الإنساني بين المكان والشخصيات وبقية الخصائص التي قدمها هذا العمل إضافة إلى الجانب الفني الذي أجاد الكاتب أن يقدم روايته به. قالب روائي مشوق وبحبكة مدهشة يجعل منها رواية متفردة ومتطورة.

محور الرواية، أو الموضوع الذي تعالجه، هو فيروس الإيدز والحرية الجنسية، إضافة إلى محاور عدة، مثل الحرية الشخصية وعلاقتها بالدين، واختلاف مفهوم الحرية الشخصية من مجتمع إلى آخر.. وأوجه الاستغلال وتباينه من فرد إلى آخر. يصطحب الكاتب القارئ إلى حيوات مختلفة عما هي في الرواية التقليدية، يصطحبه إلى علاقات لم يعشها، ومشاعر وخصوصية يرها مجتمعه محرمة، وإلى مجتمع يكرس حرية الفرد ويصون حقوقه بالقوانين التي تحكم الجميع. وفوق تلك المسحة الإنسانية التي أراد أن يقدمها في عمله.. قدم لنا ما يجب أن نعيشه في حياتنا وتعاملنا مع محيطنا. فبرغم التباين بين تلك الشخصيات حول بعض القيم الإنسانية، ورغم جنوح بعضها إلى ممارسة ما هو غير قانوني ولا أخلاقي، إلا أن الكاتب استطاع أن يقرب تلك الممارسات والعلاقات الإنسانية إلى درجة هضمها وقبولها. بل وأن يتعاطف مع شخصيات تقوم بتلك التجاوزات التي لا تضر أحد وتعتبر ضمن حدود الحرية الشخصية. فلا قتل ولا اغتصاب ولا سلب أو إكراه أو استغلال... أمر آخر لفت انتباهي في هذا العمل وهو قدرة الكاتب على الكتابة السردية الجديدة التي تعتمد على نسج حكايات متداخلة تشابه ضربات الرسام بفرشاة الألوان على لوحة تشكيلية. وكذلك سلاسة الأحداث وترابط الأحداث المتلاحقة وحبك أكثر من حكاية لشخصيات متعددة تتجمع خيوطها في النهاية لتقدم عملا متماسكًا.

جانب فني آخر تمثل في نمنمة الرواية بحكايات داخلية تزيد من جذب القارئ إلى متابعة القراءة مثل ص47 "ثم قالت جدتي كان عشيقى أحد الجنود الإيطاليين في إثيوبيا..." الى آخر تلك الحكاية .. ثم حكايات أخرى تتشرنق بداخل النص منها حكاية بنت عمته ص 36 و 78و 145 وفيها برزت موهبة الكاتب في تطريز جسم الرواية أو متنها بحكايات شخصيات ثانوية تدعم الفكرة الرئيسة أو محاور تناول الرواية. إضافة إلى نسج حكايات لشخصيات أخرى في أكثر من موضع مثل حكاية مزن ص66 وحكاية زائدة ص 75 حكاية زيمي ص130 وحكاية الرشيقة ص 129 وحكاية هيروت ص164. تلك الحكايات يمكن أن نقرأها كنصوص مستقلة.. وفي الوقت نفسه هي أجزاء أساسية من رواية متكاملة. وبدوري أوصي بأن نعمل على إصدار هذه الرواية المتميزة على الأقل عربيا، بعد مراجعتها نحويا."