عبدالله عبده محمد الأحمدي من مواليد 1953م تقريبًا (كان تاريخ الولادة مكتوب بالهجري على هامش مصحف والدي، وأحدهم أحرق المصحف). نشأت في كنف أسرة فلاحية كادحة تعمل في زراعة الأرض، في إحدى قرى جبل الحِبَشي (بكسر الحاء وتسكين الباء) ينطق الآن (بفتح الحاء والباء) والحبشي عالم جاء من آل الحبشي في تريم حضرموت. أما القرية فاسمها (حِجر أمين بكسر الحاء) وتنطق الآن (حجرمين بفتح الحاء).
كنت وسط ولدين في الأسرة. توفي والدي على أثر عضة كلب مسعور، وعمري لا يزيد عن أربع سنوات. كان يشتري جدي سابعة لمولوده الجديد من أحد الرعاة. عشنا حياة فقر، وتقشف، في ظل ظلم قاهر تسلط على البلاد والعباد.
كانت ثورة 1962م فاتحة تاريخ. التحق أخي الأكبر بالحرس الوطني، ثم سافر في دورة إلى القاهرة في مصر العروبة، وعاد برتبة عسكرية ليقاتل في جبال رازح ضمن لواء الثورة، وأُسر في قلعة حرم في رازح، ثم عاد من الأَسر والتحق بكلية الشرطة في الدفعة الثالثة بعد الثورة. وفي أحداث أغسطس كان أخي ضمن الضباط الذين اعتقلوا، وأودعوا السجن ليبقى فيه أكثر من سنة.
دخلتُ صنعاء في عام 1966م.
وأثناء حصار السبعين يومًا في صنعاء كنت من المدافعين عن الثورة والجمهورية.
كان عمري حينها حوالي 14 عامًا.
كنت قد درست القرآن في معلامة القرية، وبعد حصار السبعين يومًا التحقت بمدارس صنعاء.
حصلت على الابتدائية والإعدادية من صنعاء. ونتيجة للمطاردات لأسرتنا هاجرت إلى السعودية لسنتين، وعند العودة استقبلني الأمن الوطني ليستضيفني لمدة عامين في سجون الشبكة بتعز، والرادع والقلعة في صنعاء. خرجت من السجن وحصلت على الثانوية منازل، ودرست "إلزام" لمدة عام في مدرسة الوحدة في قرية الحدادين. كنت مرشحًا للدراسة في الخارج، لكن الأمن اعتقلني مرة ثانية. ليستضيفني لمدة عام في سجن الشبكة بتعز والرادع في صنعاء.
كنت يساريًا، ملتزما بقضايا الوطن، غير منتم لأي جهة إلى عشية الوحدة.
السياسة أخذت مني الكثير. في اعتقالي الأول كتبت ديوان شعر بقصبة قلم كوبيا، لكني مزقته عندما نقلوني إلى صنعاء مع زميل لي اسمه صالح عوض راجح من لحج، وبعد إضراب في سجن الشبكة بتعز، قيدونا بقيد واحد وظللنا فترة بذلك القيد.
ظل مخبرو الأمن، لاسيما من الجماعات الدينية، يزودون الأمن بمعلومات كاذبة عني، وظللت عرضة للملاحقة. وفي إحدى الأيام انفجرت عبوة ديناميت في معهد ديني في المنطقة، فاعتُقلت بسببها لأني كنت معارضًا للمعاهد.
عملت في التربية والتعليم متعاقدًا، ثم التحقت في عام 1979م بكلية التربية- جامعة صنعاء، قسم اللغة العربية. وتخرجت في عام 1984م وعملت مدرسًا في مدرسة عبدالناصر الثانوية في أمانة العاصمة لأربعة أعوام، ثم انتقلت إلى تعز وعملت مدرسًا في مدرسة 26 سبتمبر في غرب المدينة.
وفي أول انتخابات للمجالس المحلية انتخبني المواطنون ممثلا لهم، لكن الأمر لم يعجب الأمن والجماعات الدينية، فاعتقلني الأمن لمدة شهر.
بدأت كتابة القصة القصيرة وأنا في الجامعة، وفزت في إحدى المسابقات في المركز الثاني، وحصلت على جائزة، عبارة عن ساعة حائط، وخمسمائة ريال. ثم واصلت النشر في ملحق الثورة الأدبي، ومجلة اليمن الجديد.
مخزوني من التجارب أفرغت الكثير منه في بعض الأعمال الروائية، ولأني لا أجيد التعامل مع أجهزة الاتصال فقد ضاعت الكثير من أعمالي. آخر نكبة، سُرق تلفوني المحمول من الجيب وأنا على باص ركاب، وفيه كثير من النصوص.
بدأت كتابة الرواية بعد الاعتقال الأخير بعد حرب 1994م. كتبت رواية "وكر الشيطان" ثم واصلت الكتابة في "صباحات الجمر" التي فازت بجائزة في مصر. و "الطريق إلى صنعاء" التي فازت بجائزة السرد اليمني (حزاوي). وغيروا عنوانها إلى "طيور سوداء تشبه الغربان" وكتبت "حارة الجلاء" وغيرها من نصوص لم أعد أتذكرها الآن. مؤخرا أنهيت روايتين هما "الحوبان" و "لحظة انفجار" ولدى ثلاثة مشاريع لروايات جديدة.
الجاهز للنشر من الأعمال: رواية "وكر الشيطان" ورواية "حارة الجلاء" ورواية "سعيد النباش" ورواية "الحوبان". ورواية "لحظة انفجار" أحاول استعادتها من التلفون، وكتاب "حصن الكافر" تحت المراجعة، وهو كتاب في التراث الريفي لقريتنا.
أقول بصراحة إنني عشت حياة قلقة بين الاعتقال والتشرد والنزوح، ولازلت إلى حين كتابة هذه السيرة في بداية العام 2025م نازحًا، وربما انعكس ذلك القلق، وذلك القهر على أعمالي. كنت أحلم أن أدرس الطب، أو الهندسة المدنية.
ذات عام تقدمت للاختبارات في الكلية الحربية في الروضة، نجحت في كل الاختبارات، وعندما وصلت إلى الهيئة أسقطوا اسمي، وعندما راجعت مدير الكلية حمود بيدر قال لي: ارجع في العام القادم.
أنا خريج معتقلات، حتى بعد حرب 94 دخلت السجن (وسجلني الضباط شيوعيًا) تعرضت للإقصاء وسُلبت حقوقي المالية، فلم أحصل على ترقية، لكني ظللت ممسكًا بالطباشير إلى حين بلغت التقاعد.
ورغم العوائق والقهر والملاحقات، فقد نجحت في بناء أسرة مثالية، كلها كوادر مؤهلة من الفتيان والفتيات؛ أطباء ومهندسين وضباط ومدرسات.